النوم لعموم البشر هو أحد أجمل فترات اليوم, ويعتبرونه مكافأة يومية تسعدهم, فمن منا لا يشتاق إلى نوم هادئ بعد يوم عمل شاق؟  بل وأننا في المنطقة العربية نُطلق عليه “السلطان”, والمقولة العربية الشهيرة تقول “النوم سلطان يؤمر فيطاع” للدلالة على أهمية النوم وصعوبة مقاومة مغرياته.

أثار النوم فضول العلماء على مر العصور، لطالما أهتموا بدراسته ومحاولة فك أسراره. وبفضل تقدم التكنولوجيا وتقنيات المراقبة والمتابعة والتحليل، تمكن العلماء من رصد موجات المخ، والأنشطة الكهربائية للعضلات، وحركة العين، والعديد من المؤشرات الأخرى للمخلوقات أثناء النوم. مكنتهم تلك الدراسات من فهم مراحل النوم، وبعض من وظائف النوم، وتشخيص إضرابات النوم وأضرارها.

النوم بالتعبير العلمي، هو تغير في حالة وعي الإنسان، حيث تقل فيه الأنشطة الإرادية، وينخفض فيه الإدراك بالوسط المحيط. جميع الكائنات الحية وعلى رأسها الإنسان تحتاج إلى النوم، باختلاف الفترات والأنماط. قد يعتقد البعض أن النوم ما هو إلا فترة كسل وخمول للجسد، ولكن الدلائل العلمية تشير إلى أن النوم هو بداية لأنشطة كثيرة معقدة على مستوى المخ والجسم عموماً.

الدراسات تشير إلى أن المخ يقوم بمعالجة أحداث اليوم، وتشكيل الذكريات، وتخزين المعلومات المكتسبة حديثاً، وبناء الذاكرة التعريفية والإجرائية. كما أن الجسم يكون مشغولاً بإفراز هرمونات مهمة تساعد على النمو، ويقوم الجهاز المناعي بإفراز البروتينات التي تكافح العدوى والأمراض.

في المتوسط، يقضي الإنسان ما يقارب من ثلث عمره نائماً، وهي فترة ليست بالقصيرة أبداً، لذلك استحقت أن تكون محور اهتمام العلماء. وكما للنوم المنتظم والعميق فوائد كثيرة، فأيضاً غيابه له العديد من التأثيرات السلبية على صحة الإنسان ونفسيته، مما استدعى إنشاء تخصص فرعي مستقل في الطب يسمي “طب النوم”  في منتصف القرن العشرين لدراسة وتشخيص وعلاج اضطرابات النوم.

اضطرابات النوم ليست بالأمر الهين, فهي تؤثر على وظائف الإنسان البيولوجية, والنفسية, والعاطفية، وقد تصل خطورتها في بعض الحالات المتقدمة إلى تهديد حياة الإنسان. ويصاحب عدم حصول الإنسان على نوم منتظم مشاكل عديدة مثل ضعف الجهاز المناعي، وبالتالي كثرة الإصابة بالأمراض، وارتفاع الوزن مما يزيد احتمالات الإصابة بأمراض ضغط الدم والسكري، بالإضافة للإجهاد الدائم، وتشتت الذهن، وتطرف في المشاعر. وأكثر اضطرابات النوم شيوعاً هي الأرق، انقطاع النفس النومي، الشخير، طحن الأسنان، هلع النوم، ومتلازمة تململ الساقين.

في عصرنا الحالي، يلعب “التطبيب عن بعد” دوراً مهماً في علاج اضطرابات النوم، ويسرع من وتيرة فهمها وعلاجها. وفيما يلي نستعرض بعض من تلك التطبيقات التي أًصبحت متاحة بالفعل لعموم المرضى حول العالم.

 التشخيص والمراقبة

أولى خطوات العلاج هي التشخيص والمراقبة الدقيقة. إذ لا يستطيع الأطباء وضع خطة علاجية فعالة ودقيقة بدون مراقبة علامات المريض الحيوية أثناء النوم. وفي الماضي، كان يتعين على المريض الذهاب إلي أحد “عيادات النوم”، وهي عيادات تحاكي بيئة النوم الطبيعية، وكأنها غرفة فندقية، ولكنا مجهزة بأجهزة قياسات متطورة تراقب علامات الإنسان الحيوية أثناء النوم وأهمها مجهود التنفس ومعدلات انقطاعه، ومستوي الأوكسجين في الدم، وضغط الدم، ووضع الجسد، وغيرها من القياسات الهامة. ولكن في ظل محدودية عدد “عيادات النوم”، قد يكون مجرد الحصول على موعد متاح مهمة صعبة. وماذا عن سكان المناطق البعيدة التي لا تتوفر فيها تلك العيادات؟ هل تتخيل القيادة لمسافات طويلة لإجراء الفحص الدوري؟ تخيل أيضاً كم ستكون تلك المهمة صعبة على كبار السن أو الأطفال؟

من خلال أجهزة مراقبة المرضي، يستطيع المرضى إجراء معظم الفحوصات الضرورية بنفسهم وبدون الحاجة إلى ترك منازلهم. ستكون المتابعة اليومية لنوم المريض متاحة, وبتكلفة منخفضة. كما سيتمكن الأطباء من متابعة القراءات الدقيقة، وإجراء مقابلات افتراضية مع المرضى ووضع الخطة العلاجية بكفاءة تامة مع توفير الوقت، والمجهود، والأموال.

 العلاج السلوكي المعرفي

هو تدخل نفسي واجتماعي مدروس علمياً يتم إجراءه من قبل متخصصين يهدف لتحسين الأفكار, والسلوكيات، وتنظيم المشاعر, وتطوير المهارات النفسية. يعتبر أحد أشكال العلاج النفسي وقد أثبت فعالية في علاج اضطرابات نفسية كثيرة مثل الاكتئاب، واضطرابات القلق والأكل, وأيضاً بعض اضطرابات النوم مثل الأرق. بعض الحالات تحتاج إلى مقابلات فردية، والبعض الآخر يتطلب جلسات جماعية، حيث لوُحظ أن مشاركة الأفكار والمشاعر بين المرضى الذي يعانون من نفس المشاكل تزيد من كفاءة وسرعة العلاج. أكد الأطباء من خلال التجارب والدراسات أن استخدام “التطبيب عن بعض” في إجراء محادثات بالصوت والصورة مع المرضى له نفس فعالية المقابلات وجهاً لوجه. بل أصبح هو اختيارهم الأول بعد تفشي وباء كورونا. ومن مميزات إجراء جلسات العلاج السلوكي المعرفي بشكل افتراضي عن طريق تقنيات “التطبيب عن بعد” سهولة تحديد المواعيد المتاحة، وإتاحة الخدمة للجميع بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية، وتقليل الأعباء المادية على جميع الأطراف المشاركة.

  تطوير أسلوب حياة صحي

من خلال تقنيات “التطبيب عن بعد” يستطيع المريض إدارة أسلوب حياته بالكامل, حيث أن جزء كبير من علاج اضطرابات النوم يبدأ باتباع نهج حياة صحي. تستطيع تطبيقات “التطبيب عن بعد” أن تساعدك في اتباع نمط حياة صحي, ومراقبة مؤشراتك الحيوية على مدار اليوم, ومن ثم اقتراح العديد من الخطوات التي من شأنها رفع الحالة الصحية العامة مثل إعداد تمرينات رياضية مناسبة لاحتياجاتك، أو التذكير بضرورة الحركة أو شرب الماء في أوقات معينة. كما يمكنك من خلالها التأكد من انتظامك على الخطة العلاجية الدوائية, وغيرها من الخصائص المفيدة.

لا زال “التطبيب عن بعد” يثبت يوماً بعد يوم أهميته وكفاءته في إتاحة الوصول لخدمات طبية بجودة عالية، مع تقليل النفقات، والمجهود، والوقت. نحن  نتعاون مع الخبراء في كافة المجالات لإتاحة أحدث تقنيات “التطبيب عن بعد” في  الوطن العربي.  لمعرفة المزيد عن خدماتنا قم بزياره

 www.rpmahealthcare.com